في الاستماع

مادة اعلانية

إبراهيم أبو حويله
إبراهيم أبو حويله
كاتب ومحلل سياسي اردني

الاستماع فن ومهارة لا يستطيع الجميع ان يتقنها، وللأسف نفقد الكثير من المعرفة بسبب فقد هذه المهارة.

تلكم بعصبية بالغة وقال بحرقة كلمات شديدة بل هي تكاد تحرق من يسمعها، أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع هذه الكلمات هو أن يرد الإنسان على قائلها، ولكن مهلا دعه يتلكم دعه يقول ما يريد، دعه حتى ينتهي لا تقاطعه، دع هذه الكلمات تأخذ النار التي في جوفه، دعها تبرد ذلك اللهيب المتصاعد في عينه لا تقاطعه، قلت في نفسي دعه قليلا لنرى إلى أين سيصل.

قلة هي تلك الشعوب التي تستطيع ان تمارس هذه المهارة بمهارة، فنحن شعوب حاميه، تستشيط غضبا لأقل موقف، نعم ندفع بكرامة ثمن تلك المواقف، ولكن لن نعطي الفرصة لمن في قلبه نار حتى يفرغ تلك النار، نحن نصب على النار نارا حتى تشتعل أكثر، ويرتفع لهيبها وتمس حرارتها كل ما حولها، حتى لو كانت خروبة وهبت في رأسها نار. 

ثم اكتشفت أن الأمر أبلغ من ذلك، بدأت صورة ذهنية تتشكل عندي، بدأت تلك الصورة تتضح، هذه النار هي في تلك النفس تكاد تذهب بها تكاد تذهب بصاحبها، فهذا الإنسان يشتعل غضبا، فعلا يشتعل غضبا، وعندما تتركه تبدأ تلك الكلمات الحامية تبرد، وتبدأ تلك اللهجة تبرد، ثم قليلا قليلا بدأ ينزع إلى لغة العقل في الخطاب، لقد ذهبت تلك اللهجة المشتعلة، وخفت تلك الحدّة في العبارات والمعاني، بدأت تلمس لغة مختلفة فيها شيء من العقل، بدأ العقل يتسرب من خلال هذه الكلمات، بدأت السيطرة تظهر هنا وهناك شيئا فشيئا حتى بدأ يعود الهدوء إلى النفس، يعود الهدوء ويعود العقل ويحكم السيطرة على هذا الغضب الملتهب، بدأ الإنسان خلف هذه المشاعر الملتهبة بالظهور. 

وفي أحيان كثيرة لا يكون الغضب وحده هو الدافع وراء ذلك الفيض من الكلمات.

بل هي تلك المشاعر المتراكمة خلف هذه الجدر التي نراها والتي تحجب ما في النفس عن الظهور، والكلمات هي طريقها للخروج، دعه يتكلم دعه يرتاح، ربما تلك هي الحالة، دعه يتكلم وحاول ان تفهم، حاول أن تدخل إلى أعماق تلك النفس لتعرف ما خلفها، يقول الدكتور المسيري بما معناه، ان كل كلمة تحمل شيئا وتشكل خارطة وترسم صورة عن قائلها، وكل عبارة هي نمط وهي نموذج وهذه الكلمات تعطي صورة واضحة عن قائلها، مهما حاول ان يخفي نفسه خلف تلك الكلمات والمعاني، فإن حقيقته حتما ستظهر. 

هل أدركنا معنى الاستماع، الاستماع هو تلك الريشة التي تشكل الرسمة ضربة ضربة، هو ذلك القلم الذي يكتب الحقيقة حرفا حرفا للوصول إلى الصورة الكاملة.

 نعم هو يعطي المتكلم شعور كبيرا بالراحة، ولكنه يجعلك تملك الوسائل التي ترسم الحقيقة. 

ربما لأجل ذلك لا نفهم بعضنا البعض فنحن لا نتقن الاستماع، فأنا أريد أن أكون المتكلم، وأنت تريد أن تكون المتكلم، ولكن من يستمع هو ذلك الذي يفهم، هو ذلك الذي يجمع، هو ذلك الذي يضيف شيئا شئيا إلى ذلك الرصيد الذي عنده، هو الذي يحصد الحكمة البالغة في النهاية.

ولكن يجب أن يكون مستمعًا جيدًا، فالحكمة لن تكون إلا لمن ألقى السمع وهو شهيد.

مقالات الكاتب

الصديق هو الصديق ومن تشعر بالراحة معه ، وتبث هموم النفس وشجونها ، ولا تشعر بالحرج من أفكارك ومشاعرك معه ، هناك الكثيرون في حياتنا لا نعرفهم إلا من خلال تلك الروابط البسيطة التي تربطنا بهم ، وقد تكون هذه الروابط ضعيفة أو قوية سطحية أو عميقة ، ولكنها تلك المساحات المشتركة التي نلتقي بها والتي تربطنها بهم .

2024 سبتمبر 23

هل نحن المشكلة،  وهل  نستطيع أن نكون جزء من الحل .

كم من تاجر جملة سلم البضاعة إلى تجار التجزئة وماطل تاجر التجزئة في السداد ومنهم لم يسدد ونسي أن الله لا ينسى ...

2024 أغسطس 28

هناك الإنسان الإنسان وهناك الإنسان العصا وهناك الإنسان القائد وكل واحد من هؤلاء يختلف عن الأخر، ولكن ماذا نريد نحن ومتى نريد هذا ولا نريد ذلك، وهل من الغريب إذا قلنا بإن بناء أي حضارة يحتاج إلى أن يكون لدى الإنسان القابلية ليكون أي واحد من هؤلاء.

2024 يوليو 29

الاستماع فن ومهارة لا يستطيع الجميع ان يتقنها، وللأسف نفقد الكثير من المعرفة بسبب فقد هذه المهارة.