من شانغهاي إلى بكين: السردية الشرقية في نظام عالمي متعدد الأقطاب

مادة اعلانية

إلهام لي تشاو
إلهام لي تشاو
نائب رئيس تحرير المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط.


شهدت الأرض الشرقية في خريف هذا العام حدثين متتاليين نسجا معا لوحة تاريخية كبرى. قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين الساحلية جمعت قادة أكثر من عشرين دولة وممثلي منظمات دولية، وكانت الأضخم في تاريخ المنظمة منذ تأسيسها، مما أبرز ثقلها المتزايد في الشؤون الإقليمية والدولية. وبعدها بيومين فقط، قام في ميدان تيان آن من بالعاصمة الصينية بكين عرض عسكري، بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. يتجسد تداخل التاريخ والواقع بين مشهدي القمة والعرض، وتتردد أصداء القوة والسلام في آن واحد.
في كلمته أمام قمة تيانجين، استعرض الرئيس الصيني شي جين بينغ مسيرة المنظمة الممتدة لأربعة وعشرين عاما، مؤكدا أن هذه المنظمة لطالما تمسكت بـ "روح شنغهاي" القائمة على الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور والتفاهم بين الحضارات والسعي إلى التنمية المشتركة، مشيرا إلى أن التعددية القطبية العادلة والمنظمة والعولمة الاقتصادية الشاملة والمستوعبة تمثل الاتجاه الصحيح للمسيرة المشتركة للبشرية. فمن ست دول عند التأسيس إلى ست وعشرين دولة اليوم، ومن التعاون الأمني إلى الشراكة الاقتصادية والثقافية الواسعة، بات نمو هذه المنظمة تجسيدا حيا لتحول التعددية القطبية من فكرة إلى واقع عبر العمل المشترك والإنجازات العملية. إن منظمة شنغهاي لا تقدم ثمارا ملموسة للدول الأعضاء فقط، بل تفتح أيضا مسارات جديدة للحوكمة العالمية، لتصبح قوة مهمة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتعزيز السلام الدولي.
أما العرض العسكري في بكين، فقد جسد السلام من زاوية أخرى. ففي مراسم استمرت سبعين دقيقة، مرت التشكيلات الراجلة وتشكيلات المعدات، ثم حلق السرب الجوي فوق شارع تشانغآن، في مشهد يربط بين ذاكرة التاريخ وإنجازات التحديث العسكري. وقد ظهرت لأول مرة قدرات جديدة مثل الأنظمة الذكية غير المأهولة والأسلحة فوق الصوتية والحرب السيبرانية والإلكترونية، بما يعكس ثقة الصين في قوتها واستعدادها للمستقبل. هذا المشهد لم يكن استعراضا للقوة بقدر ما كان رسالة إلى العالم: السلام لا يُمنح تلقائيا، بل يصان بالقوة ويُحمى بالإرادة.
القمة في تيانجين عكست رؤية التعاون، بينما العرض في بكين جسد إرادة الحماية. الأولى أرسلت إلى الخارج رسالة الوحدة والتنمية، والثاني جسّد داخليا ثقة الدفاع عن السلام. وبين الرؤيتين والقدرة، يتضح المنطق العميق للعالم اليوم: لا يمكن تجنب الصراعات إلا بالتعاون، ولا يمكن ضمان السلام إلا بالقوة. ومن خلال هذا التوازن، تتحول التعددية القطبية من توجه إلى واقع لا رجعة فيه.
لقد شدد الرئيس شي في القمة على ضرورة بناء نظام عالمي أكثر عدلا وإنصافا، فيما بعث العرض العسكري رسالة مهيبة: تذكروا التاريخ، واعتزوا بالسلام. وهذان البعدان معا يشكلان موقع الصين في المسرح الدولي الجديد: فهي ليست مجرد دولة تسعى إلى التنمية الذاتية، بل أيضا بانية وحامية للسلام والنظام العادل في العالم. ومن ثم، عندما يعود الناس بذاكرتهم إلى هذا الخريف، سيتذكرون قاعة الاجتماعات في تيانجين وشارع تشانغآن في بكين، ويتذكرون ذلك العهد الراسخ: إن النظام العالمي متعدد الأقطاب هو اتجاه حتمي، والتعاون المربح للجميع هو السبيل الوحيد، والسلام والتنمية هما تطلعات البشرية جمعاء. هذا العهد سيمضي مع نمو منظمة شنغهاي وثقة الصين، ليترك بصمة لا تُمحى في مجرى التاريخ العالمي.
 

مقالات الكاتب

لا يغيب عنا تأثير عملية العودة على المواطنين، ما يبرز أهمية الهوية الوطنية لكل دولة مهما كانت من الشرق أو الغرب، وذلك من أجل الحفاظ على مكتسباتها وتاريخها وحضارتها وتراثها وتنقله إلى أجيالها جيلا بعد جيل، ولهذا السبب يقيم الكثير من دول العالم بما فيها جمهورية الصين الشعبية والعديد من الدول العربية فعاليات كبرى للاحتفال باليوم الوطني كل عام.

أصبحت آلية تعاون بريكس نموذجا لدول الأسواق الناشئة منذ تأسيسها، ويعتبرها الكثير منصة رئيسية لتعزيز التعددية في الحوكمة العالمية. وفي سياق التغيرات العميقة في المشهد السياسي والاقتصادي لعالم اليوم، تتمتع دول بريكس بدور إيجابي وبناء لا يمكن تجاهلها في الشؤون الدولية.

2024 سبتمبر 23

شهدت العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في السنوات الأخيرة -سواء بوصفها وحدة واحدة أو حتى في إطار بعض التفاهمات الثنائية- تطورات سريعة جدًا، لذلك هناك كثيرون يتطلعون للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بين الصين والدول الخليج في أقرب وقت ممكن، لأن الأمر يعد خطوة مهمة على عدة مستويات، أبرزها تعزيز منظومة التكامل الاقتصادي ال

2024 سبتمبر 16

لا يرغب الكثير من الصينيين عودة ترامب إلى البيت الأبيض بسبب تصرفاته الغريبة وسلوكه غير المتوقع، لكن في الوقت نفسه لا يمكن القول إن العلاقات الأمريكية الصينية قد تحسنت بشكل خلال فترة بايدن التي تلت ترامب.