متى تتمكن أوروبا من تحقيق استقلالها الاستراتيجي؟
مادة اعلانية


أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرارا وتكرارا على أهمية "الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي" أو وصف بالسيادة الأوروبية منذ دخوله إلى قصر الإليزيه، وخلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى فرنسا الأسبوع الماضي، أكد ماكرون مرة أخرى أنه إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق "الاستقلال الاستراتيجي"، فقد يتعرض للتهديد من قبل الولايات المتحدة وروسيا، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي لا يوافق على فصل الروابط مع الصين، معبرا عن الترحيب بالشركات الصينية للاستثمار في أوروبا للحفاظ على أمن سلاسل التوريد الأوروبية واستقرارها.
تعتبر فرنسا دولة كبرى تقود التكامل الأوروبي والاتجاه التنموي للاتحاد الأوروبي لا تقل أهميتها عن أهمية ألمانيا، فإن القرارات السياسية والأحكام الاستراتيجية لفرنسا وألمانيا لها تأثير كبير للغاية على التنمية المستقبلية لأوروبا. أما نظام الأمن الاستراتيجي الأوروبي، فتعتبر فرنسا الدولة الأكثر أهمية فيه بالمقارنة مع ألمانيا نظرا لكونها دولة مهزومة في الحرب العالمية الثانية، حتى أن فرنسا تظل الدولة الأقوى عسكريا في القارة الأوروبية التي تضم على المملكة المتحدة.
"عملية تحقيق الاستقلال الاستراتيجي" هي خطة طويلة المدى تمثل تطلعات الفرنسيين، لكن كيفية تنفيذها تمثل صعوبات كبيرة، حيث من السهل نسبيا تحقيق الاستقلال الاستراتيجي في مجالات الاقتصاد والمالية والعلوم والتكنولوجيا مع تقديم الدول الأوروبية بمثابتها فرنسا وألمانيا الكثير من السياسات والتدابير لتحسين مشاريع البحوث والتطوير في مجال التكنولوجيا الفائقة، لكن على المستوى الأمني الاستراتيجي من ناحية أخرى، لا تستطيع أوروبا أن تترك الولايات المتحدة على المدى القصير بعد عقود من الاعتماد على الإطار الأمني لحلف شمال الأطلسي.
تجدر الإشارة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع العلاقات مع الصين، فإن أفكار الأوروبيين لـ "الاستقلال الاستراتيجي" هو أنه يجب عليهم الاعتماد على رغبات الأوروبيين بدلا من التحمل عن الضغوط من الولايات المتحدة سواء تبنوا سياسات صارمة أو معتدلة، وبعبارة أخرى، رغم على إطالة الأزمة الأوكرانية، فإن أوروبا غير مقتنعة لمواصلة العلاقات المتوترة مع الصين.
لن تتمكن أوروبا من التخلص من تذبذبها بين الصين والولايات المتحدة في وقت قريب، ولكن مع نتيجة الانتخابات الأمريكية غير المؤكدة، تحتاج أوروبا الآن إلى الاستعداد للبيئة الاقتصادية الأكثر صرامة التي قد تواجهها في المستقبل، ويجب للقيادة الأوروبية سواء كان ماكرون أو غيره أن يفهموا أنهم بحاجة إلى الأسواق الصينية ورأس المال والتكنولوجيا من الصين أكثر من أي وقت مضى، وذلك من أجل التنمية المستدامة في شتى المجالات.