عام من الشوق

مادة اعلانية

أحمد الخميسي
أحمد الخميسي
أديب مصري

أحمد الخميسي

 

لا شيء يمتد بلا نهاية ما عدا الزمن، والشوق إليك. أحببتك في ما مضى حين لم أكن أعرفك، أحببتك في ما بعد حين لم أعد أعرفك، أحببتك في كل لحظة، فقد جعلك الله في زمني من بين مليارات السنين، لأنك مقسومة لي، مثل زهرة ومثل خنجر، مجذوب إليك ورأسي يدور من العطر والدم

وأحس أنني أطلقك في كل زفير من صدري، وأعود فأشدك إلي في كل شهيق. وفي أحلامي تمسك بك عيناي، أغمض جفوني عليك، أفتح عيني، فتحلقين عالية في الهواء، ترفرفين وتعودين. تتربعين في قلبي، بين نبضة ونبضة، بين اندفاع دمي وانحساره. ركبتاك لأعلى ويداك معقودتان فوقهما، وأنت تشيحين بوجهك، تشتاقين، لكن لا تتكلمين، تتأرجحين في دمي وأنت تتطلعين إلى نقطة بعيدة . معي في كل لحظة ولست معي. أي هلاك يطل من عينيك الجميلتين؟ وأي عذاب تكتبينه بالرقة؟. 

   لجمالك أنت اخترعوا الشعر والناي وريشة الألوان، لأجلك خفقت الفصول الأربعة كلها ربيع، ولكي لا تتألمين في سيرك امتدت السهول لينة، ولكي لا تعطشين يهمي المطر. يدخل الانسان الجنة، لكن الجنة دخلتني عندما احببتك، ولست أدري من أين يتسلل سحر جمالك. 

أغمض عيني وأراك كاملة، تلوحين بيدك أمام وجهي، تقولين : تمهل لا تقاطعني. ويتقطر وجودي كله حنانا عليك، وأضمك بمحبتي كما يطوي الأفق كتفيه على يمامة صغيرة. أبتهل إلى الله أن يبقى عيني مغمضتين إلى الأبد لكي لا أفقدك لحظة. فإذا خرجت من أحلامي تمنيت أن أعيش فيك، وحدك،  أن أجلس إلى مكتبي وأكتب فيك، أن يصيبني أرق فأنام بعمق فيك، أن أصحو عاما بعد عام وأجدني لم أبرح مكاني ، فيك، فلا يستطيع أحد أن ينتزعني أبدا من نظرتك ولا من بين نبرات صوتك المرتجفة، ولا من احناء رأسك الصغير وأنت تفكرين شاردة. 

   الذي كتب علينا المحبة كتب علينا الفراق مثلما تنفصل وردة عن غصن، عطرها فيه، وفي ألوانها دمه. 

وكنت اذا تطلعت لأعلى لا أشهد قمرا سواك، وأن نظرت لأسفل لا أرى وردا سواك، وأن مددت بصري لا المح طريقا سواك، السماء عيناك، والأرض قدماك، ولا شيء في الكون سوانا وحدنا، أنا وأنت. 

تحطمت مزهرية العشق، ولم نكن نعرف أننا سنمشي على شظاياها ، نطارد العطر الضائع،  وندوس على قلبينا. كأن الدنيا سفينة أبحرت من دوني، أقف وحدي على الشاطئ. أمضي على الطريق، أتلفت من وقت إلى آخر إلى كتفي، بأمل، أن تكون يدك قد استقرت عليها. 

إلى متى تظلين نائية عاما بعد عام، وشوقا بعد شوق؟ إلى متى تبقين خيالا من خيالات القلب؟ ونحن إن تعانقنا يكبر الورد من قلبينا وتولد الدنيا جديدة. عام مضى، وعام قد حل، لكني لا أعرف زمنا سواك، ولا أدري لنفسي مكانا سواك، ولا نهرا، ولا تلا، ولا سماء. 

إلى متى تظل يداك معقودتين فوق ركبتيك، تتأرجحين بدمي وتتطلعين إلى نقطة بعيدة ؟ إلى متى تظلين حلالا على خيالي حراما على قلبي؟

مقالات الكاتب

هل تعرفون الحزن؟ الحزن المرهق الذي ينوء به القلب؟ هل تعلمون ما هو الألم؟ الألم الكظيم الذي يترك في النفس بقعا كالمرض؟ هل كابدتم الشوق؟ شوق صبي صغير لم يتعد التاسعة لأبيه؟ لوجه أبيه؟ لكفه الثقيلة؟ للحديث معه؟ هل جربتم الشوق ؟ هذا الشوق؟

2024 أغسطس 28

يكاد كتاب طه حسين "مستقبل الثقافة في مصر" الصادر 1938 أن يكون حديثا عن واقع التعليم الراهن الآن، بل وحتى عن امتحانات الثانوية العامة التي تجري حاليا. 

جمعتني جلسة مع بعض الأصدقاء كان من بينهم أدباء عرب. ولا أذكر عما كنا نتحدث حين مازحت أحدهم بقولي: " أنت معصلج ليه؟"، فالتفتت إلي روائية عربية وقالت ضاحكة باستنكار لطيف: " نحن نحب العامية المصرية لكن أنتم أحيانا تخترعون كلاما عجيبا. مثلا ما معنى معصلج هذه؟ "! صوب الآخرون أنظارهم إلينا بترقب.

خطر لي أنه حتى الكراهية تحتاج إلى الوعى. خطر لي ذلك عندما طالعت ما وضعته الزميلة الصحفية وفاء نبيل على صفحتها في فيس بوك من أن شخصا كتب لها يقول:" فإذا كنتم تكرهون الغرب إلى هذه الدرجة فالقوا إذن بالموبايلات التي في أياديكم ولا تستخدموها".