تركيا وبريكس
مادة اعلانية


أصبحت آلية تعاون بريكس نموذجا لدول الأسواق الناشئة منذ تأسيسها، ويعتبرها الكثير منصة رئيسية لتعزيز التعددية في الحوكمة العالمية. وفي سياق التغيرات العميقة في المشهد السياسي والاقتصادي لعالم اليوم، تتمتع دول بريكس بدور إيجابي وبناء لا يمكن تجاهلها في الشؤون الدولية. بعد انضمام عدد من دول الشرق الأوسط مثل مصر وإيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة، أعربت تركيا مؤخرا عن استعدادها للانضمام إلى دول بريكس وأدرجت هذه الخطوة في خطتها الاستراتيجية الوطنية كبرى.
يرتبط حركة تركيا هذه ارتباطا مباشرا بالبيئة الداخلية والخارجية التي تواجهها حاليا، حيث يساعد الانضمام إلى بريكس أو طرح فكرة الانضمام إليها على حكومة أردوغان على الدخول إلى نقطة تحول في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، فيمكن أن تجبر هذه الحركة الغرب على إعادة النظر في سياساتها تجاه تركيا، ومن ناحية أخرى، فالرغم على الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، إلا أن دول بريكس تقدم لتركيا خيارا بديلا جيدا لتعزيز توقعات التعافي الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك وفيما يتعلق بالأمن، فإن دول بريكس تتيح مساحة أكبر للتعاون السياسي مع أردوغان الذي يتمسك بالسياسة "المستقلة" حتى الآن.
الجدير بالذكر أن آلية تعاون بريكس تغطي 45% من سكان العالم وبعد التوسع، وارتفعت حصتها في الاقتصاد العالمي إلى نحو 37%، متجاوزة مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، كما لديها تأثير قوي على الصناعات الرئيسية مثل الطاقة والتصنيع والغذاء، ويعد نظام الدفع المالي المستقل الذي تؤيده دول بريكس جذابا جدا لدول الشرق الأوسط مثل تركيا. وفي الوقت نفسه، فإن التقدم بطلب للانضمام إلى آلية بريكس يعني أيضا أن حكومة أردوغان تعتزم تقليل اعتمادها الاستراتيجي على الدول الغربية.
إن انضمام تركيا إلى مجموعة بريكس لن يحدث بين عشية وضحاها باعتبارها عضو حلف الناتو. تتمتع تركيا بقومية أوروبية عميقة الجذور، وتساءل العديد من المسؤولين في روسيا والصين عما إذا كان طرح تركيا للانضمام إلى بريكس مجرد تحرك استراتيجي لتركيا لإجبار الاتحاد الأوروبي لإقبالها، لطن بغض النظر عن نوايا تركيا، أعربت أكثر من 40 دولة في العام عن رغبتها في الانضمام إلى بريكس، ومع تدفق المزيد من الدول إلى "عائلة بريكس"، لا شك أن النظام العالمي متعدد الأقطاب سيصبح أكثر إنصافا وعدلا ويتمتع بديمقراطي حقيقي.