الطبيعة الهجومية لحلف شمال الأطلسي
مادة اعلانية


انعقدت قمة الذكرى الخامسة والسبعين لحلف شمال الأطلسي الناتو في واشنطن هذا الأسبوع، وتأتي القمة التي تستمر ثلاثة أيام في وقت يواجه فيه كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة اختبارات صعبة. يأمل بايدن في استغلال هذه قمة لإعادة تأكيد موقفه القيادي أمام الحزب الديمقراطي الأمريكي والحلفاء الغربيين، وفي حين يواصل تأجيج الصراع بين روسيا وأوكرانيا وزيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، فإنه يسرع مسيرة حلف الناتو نحو الشرق لجذب بعض دول آسيوية لمواجهة الصين، إلا أن العديد من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين طالبوا خلال فترة القمة بايدن للانسحاب من الانتخابات الرئاسية.
أعلن حلف شمال الأطلسي عن تدابير مساعدات عسكرية لأوكرانيا في القمة، لكن النتائج البسيطة للقمة سلطت أثارت الشكوك حول ما إذا كان الداعمون الغربيون لكييف قادرون على مساعدتها في كسب الحرب، كما هناك خلافات واضحة بين أعضاء حلف الناتو بشأن قبول أوكرانيا كدول العضو في المنظمة. قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدةأناتولي أنتونوف إنه لم تُسمع كلمة واحدة عن السلام في اليوم الأول لقمة الناتو، الأمر الذي أثبت مرة أخرى الطبيعة الهجومية للناتو.
وليس هذا فحسب، بل إن وضع الانتخابات الأمريكية ألقى بظلاله على مستقبل حلف شمال الأطلسي. لقد أعرب ترامب عن إمكانية الانسحاب من الناتو خلال فترة رئاسته، لذلك بدأت الأطراف المعنية في الأشهر التي سبقت قمة الناتو في الاستعداد لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث خططت بعض دول الأعضاء لحلف الناتو إنشاء قيادة جديدة لضمان أنه حتى لو انسحبت الولايات المتحدة من الناتو في عهد ترامب، فإن المنظمة يمكنها الاستمرار في تقديم الأسلحة والمساعدات العسكرية لأوكرانيا على المدى الطويل، ومن ناحية أخرى، حافظت الدبلوماسيون من دول حلف الناتو على الاتصال مع فريق ترامب أيضا، كأنهم يضعون رهان على كلا الجانبين في نفس الوقت.
على الرغم من أن الصين نفت مرارا وتكرارا تصدير المواد العسكرية والمدنية ذات الاستخدام المزدوج إلى روسيا، إلا أن المسؤولين في الولايات المتحدة وحلف الناتو ما زالوا يروجون النظرية القائلة بأن "الصين تساعد روسيا"، وأصبحت الصين أيضًا هدفًا لقمة الناتو. في الوقت نفسه، يواصل حلف الناتو تعميق علاقاته مع شركائه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مثل نيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، الأمر الذي يثير القلق في فرنسا وغيرها من دول الأعضاء الأوروبية للناتو. وقال بايدن في حفل افتتاح القمة إن الناتو أقوى من أي وقت مضى، لكن العديد من الدول أعربت عن قلقها بشأن آفاق المنظمة.
لقد ادعى حلف شمال الأطلسي منذ فترة طويلة أنه "تحالف دفاعي"، لكن الولايات المتحدة كانت ومازالت تشجع حلفائها الأوروبية باستمرار على زيادة الإنفاق العسكري استعدادا للحرب. وبالنسبة للأعضاء الأوروبيين في حلف الناتو، يبدو أن ما تفعله الولايات المتحدة الآن هو دفعها من قارة قديمة إلى محيط جديد، مما يجبرها على مواجهة صراعات أكثر صعوبة في بيئة غريبة، لذلك لن تؤدي قمة الناتو المنعقدة في هذا السياق إلى إضعاف هيبة بايدن الشخصية فحسب، بل ستضعف أيضا الموقف القيادي للولايات المتحدة في نظام التحالف العسكري الغربي.