أهمية المبادئ الخمسة للتعايش السلمي

مادة اعلانية

إلهام لي تشاو
إلهام لي تشاو
نائب رئيس تحرير المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط.

عقدت الحكومة الصينية في 28 من الشهر الجاري مؤتمرا خاصا في بكين بمناسبة الذكرى السبعين لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي مع حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ وعدد من السياسيين البارزين من دول العالم فيه. 

هذه ليست المرة الأولى التي تعقد فيها الصين مثل هذا المؤتمر الكبير لإحياء ذكرى إصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وليس الصين فحسب، بل أقامت كل من الهند وميانمار اللتان أصدرتا بشكل مشترك المبادئ الخمسة للتعايش السلمي مع الصين بالفعاليات التذكارية أيضا.

تعتز الصين بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي لأنها كانت أول ملف توجيهي للتعامل مع العلاقات الدولية العامة الذي اقترحته بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وقد حظي بقبول واسع النطاق من المجتمع الدولي وتم إدراجه في مختلف الوثائق الدولية والبيانات الدبلوماسية بين الصين وما يقرب من مائة دولة. 

السبب لقبول المبادئ الخمسة للتعايش السلمي عالميا يعود إلى أنها معايير أساسية عامة ذات قيم أخلاقية وقانونية للتعامل مع العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول تتجاوز للاختلافات في الأيديولوجيات والأنظمة الاجتماعية.

كان العالم بعد الحرب العالمية الثانية عالما إيديولوجيا للغاية، وعانت الصين من الوصم من قبل المعسكر الرأسمالي والشكوك من دول العالم الثالث باعتبارها دولة اشتراكية بقيادة الشيوعيين، فإن إصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي ساعد غالبية دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية على فهم الصين وبناء الثقة بها، بالإضافة إلى تسريع عملية اندماج الصين في الحملة للدول الآسيوية والإفريقية وأمريكا اللاتينية لمناهضة الاستعمار مع اختراق الحصار والعزلة المفروضة على الصين من قبل المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة.

تركز المبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي تضم على الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الآراض، وعدم الاعتداء المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي على "التبادلية"، الذي يدعو إلى أن جميع دول العالم متساوية مع بعضها البعض، مع تشكيل قواعد وقيود متساوية على بعضها البعض، الأمر مختلف تمام مع القوى الاستعمارية والدول المهيمنة التي كثيرا ما تضع القواعد للبلدان الصغيرة في العالم في حين أنها هي نفسها لا تتبع القواعد أبدا.

أهم من ذلك أن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي ساهمت في توحيد دول العالم الثالث، حيث تأثرت بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بعد تحريرها من النظام الاستعماري، بشدة بالمواجهة الأيديولوجية، وكان من الصعب عليها أن تعمل كقوة مستقلة ومحايدة لممارسة نفوذ جماعي في المواجهة مع القوى الكبرى، لكن بتوجيه من المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، شكلت هذه الدول في نهاية المطاف روح باندونج التي تدعو إلى "الوحدة والصداقة والتعاون" ولعبت دورا هاما في تقدم العالم الثالث إلى المسرح التاريخي كقوى السياسية مستقلة.

يشهد عالمنا اليوم تشدد المنافسة والمواجهة الجيوسياسية بين القوى الكبرى، مع وجود عجز خطير في السلام على المستويين العالمي والإقليمي، وظلت الصين التي تتمسك بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي تتعاون مع الدول العربية مع طرح مبادرة الأمن العالمية والدعوة إلى النظام الدولي المتعدد الأقطاب والإصرار على تحقيق السلام من خلال الحوار والتفاوض. 

ولتحقيق هذه الغاية، أصدرت الصين ملفات مرتبطة بمواقفها بشأن حل الأزمة الأوكرانية وقضية فلسطين فضلا عن "النقاط الست" للتوافق بين الصين والبرازيل بشأن التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، كما بذلت قصارى جهودها الدبلوماسية لأعمال.

كانت أغلبية دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية لا ترغب في الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى إدراك أهمية دول "الجنوب العالمي"، لذلك بدأت الدول الغربية تولي اهتماماتها بتحسين العلاقات مع "الجنوب العالمي" سواء كان في قمة مجموعة السبع أو مؤتمر ميونيخ الأمني، الأمر أدت إلى انقسام بلدان "الجنوب العالمي" نوعا ما، لكن حان الوقت لكي يفكر "الجنوب العالمي" مرة أخرى في المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، ولن تتمكن الدول الناشئة من الحفاظ على الاستقلال والتوازن إلا من خلال الالتزام والتتبع بالمبادئ الخمسة في ظل المواجهات الأكبر تشددا بين القوى العظمى في المستقبل.
 

مقالات الكاتب

لا يغيب عنا تأثير عملية العودة على المواطنين، ما يبرز أهمية الهوية الوطنية لكل دولة مهما كانت من الشرق أو الغرب، وذلك من أجل الحفاظ على مكتسباتها وتاريخها وحضارتها وتراثها وتنقله إلى أجيالها جيلا بعد جيل، ولهذا السبب يقيم الكثير من دول العالم بما فيها جمهورية الصين الشعبية والعديد من الدول العربية فعاليات كبرى للاحتفال باليوم الوطني كل عام.

أصبحت آلية تعاون بريكس نموذجا لدول الأسواق الناشئة منذ تأسيسها، ويعتبرها الكثير منصة رئيسية لتعزيز التعددية في الحوكمة العالمية. وفي سياق التغيرات العميقة في المشهد السياسي والاقتصادي لعالم اليوم، تتمتع دول بريكس بدور إيجابي وبناء لا يمكن تجاهلها في الشؤون الدولية.

2024 سبتمبر 23

شهدت العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في السنوات الأخيرة -سواء بوصفها وحدة واحدة أو حتى في إطار بعض التفاهمات الثنائية- تطورات سريعة جدًا، لذلك هناك كثيرون يتطلعون للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بين الصين والدول الخليج في أقرب وقت ممكن، لأن الأمر يعد خطوة مهمة على عدة مستويات، أبرزها تعزيز منظومة التكامل الاقتصادي ال

2024 سبتمبر 16

لا يرغب الكثير من الصينيين عودة ترامب إلى البيت الأبيض بسبب تصرفاته الغريبة وسلوكه غير المتوقع، لكن في الوقت نفسه لا يمكن القول إن العلاقات الأمريكية الصينية قد تحسنت بشكل خلال فترة بايدن التي تلت ترامب.