أصداء السلام
مادة اعلانية


في عام 1945، انطفأت نيران الحرب العالمية الثانية بعد أن أحرقت قارات وأثقلت ذاكرة البشرية بندوب لا تمحى. خرج العالم من بين الركام باحثا عن نفس جديد، عن وعد بالسلام. ومنذ ذلك الحين، وعلى مدى ثمانية عقود، ظلت البشرية تمضي بين الأمل والخيبة، بين صراع القوى الكبرى وصعود الشعوب المستضعفة، حتى أخذت ملامح نظام دولي جديد تتشكل شيئا فشيئا، ممهورة بدماء الماضي وتطلعات المستقبل.
كانت السنوات الأولى بعد الحرب أسيرة لهيمنة قلة من الدول، تحكمها منطق القوة وتشدها حبال الحرب الباردة إلى ثنائية خانقة، غير أن شعوب آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية نهضت من تحت عباءة الاستعمار، واستردت استقلالها، ورفعت صوتها في ساحات الأمم المتحدة مطالبة بالكرامة والعدالة. ورغم أن نهاية الحرب الباردة لم تضع حدا للهيمنة أو لصراع المصالح، فقد بات واضحا أن صوت الجنوب العالمي لم يعد قابلا للتجاهل.
ومع مطلع القرن الحادي والعشرين، أخذت الدول النامية تتقدم بخطى واثقة نحو المشهد الدولي. اقتصاد يتوسع، تكنولوجيا تزدهر، وأصوات تفرض حضورها في قضايا المناخ والطاقة والإصلاح الأممي. لم تعد الساحة حكرا على قوة واحدة أو معسكر واحد، بل أصبح التعدد مصدر غنى وركيزة لتوازن أكثر عدلا.
في قلب هذا التحول، برزت الصين كقوة كبرى تنطلق من هوية نامية وتجربة فريدة. فمن مسيرة التحديث السريعة إلى تمسكها بخيار التنمية السلمية، قدمت للعالم مبادرات تبنى على الشراكة لا على الإملاء من "الحزام والطريق" إلى "مجتمع المصير المشترك للبشرية". وإلى جانب مشاركاتها الواسعة في عمليات حفظ السلام الأممية، رفعت الصين راية الحوار بدل السلاح، والعدل بدل الهيمنة. ومع الإخوان العرب، نسجت خيوط تعاون من أجل إخماد نار النزاعات في الشرق الأوسط، داعية إلى وقف إطلاق النار وإعلاء صوت العقل، لتقدم نموذجا لالتقاء الحضارات في خدمة السلام.
إن الحرب لا تخلف سوى المقابر والخراب، فيما تشهد العقود الثمانية الماضية أن التنمية هي السبيل إلى الكرامة، وأن السلام هو الطريق إلى المستقبل. واليوم، في الذكرى الثمانين لذلك النصر التاريخي، يعلو النداء: لنتعلم من التاريخ حتى لا نكرر مآسيه، ولنصنع معا عالما تسوده العدالة ويزدهر فيه الأمل، ويظل أصداء السلام يتردد في قلوب الشعوب، عابرا للأجيال والقارات، حاملا وعدا بأن الغد يمكن أن يكون أكثر إنصافا وإشراقا للبشرية جمعاء.