استضاف مركز "لطفي قيردار" للمؤتمرات بمدينة إسطنبول التركية، عرضًا قدمته منصة "الجزيرة 360" ومبادرة "قيد التسجيل لأجل الإنسانية"، مساء أمس السبت، لفيلم وثائقي باسم "مستشفى الشفاء.. جرائم مدفونة"، الذي وثق حصار واقتحام مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة وتدمير مبانيه.

وشارك في الحفل، وزير العدل التركي يلماز تونج، وعدد من المفكرين والمثقفين والنشطاء العاملين في الشأن الفلسطيني، وأطباء عملوا بمستشفى الشفاء، حيث تخلل الفعالية ندوة حوارية ومعرضا لصور أثناء تغطية وكالة الأنباء التركية الرسمية "الأناضول" جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي 18 مارس/ آذار الماضي، اقتحم الجيش الإسرائيلي وحاصر مجمع الشفاء 14 يوما، الذي كان يأوي أكثر من 7 آلاف نازح ومريض فلسطيني، واعتقل الجيش وحقق خلال عمليته العسكرية في "الشفاء" مع أكثر من 800 مدني فلسطيني، بينما قتل أكثر من 170 مدنيا، فيما كشف الانسحاب من المجمع وجود مقابر جماعية تضم جثثا محروقة لضحايا فلسطينيين.

كسر الصمت

وقال إحسان أكتاش، من مؤسسي المبادرة بتركيا في كلمة خلال الحفل: "عملنا على كسر الصمت من خلال هذه المبادرة بمشاركة قرابة 150 أكاديميا، واليوم نتواجد في فعالية هامة حيث العالم يشهد وحشية غير مسبوقة في فلسطين".

اقرأ أيضًا : ولاية قيصري التركية تستضيف معرض رسم بعنوان "أطفال غزة"

وأضاف: "هناك حرب نفسية، ونشاهد أن العلم الفلسطيني يرفع في كل مكان والإنسانية لم تمت في الدول الغربية"، متابعا: "اليوم بجهد من الجزيرة 360 نحن هنا، نشكر الوزير تونج، وأيضا مدير عام وكالة الأناضول سردار قره غوز، لدعمهما هذه الجهود في المبادرة لتكتسب الفعاليات معنى هاما".

من جانبها، روت الطبيبة فاديا ملحيس، جزءا من المعاناة في غزة بقولها: "بدأت معاناتنا منذ 1967، وقبلها في 1948 ارتكبت إسرائيل جرائم لكنها لم تصدر على الإعلام، عانينا من نفس ما حصل في مستشفى الشفاء بمنطقة سكننا وكانت هناك صعوبات في التنقل".

وأضافت ملحيس: "كانت الخدمات بمستلزمات قليلة ودون كهرباء، كنا تحت الحصار ولا أنسى ليلة 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث تم قصف المبنى وسمعنا أصوات الكلاب ولغة عبرية، فهمنا آنذاك دخولهم (الجيش الإسرائيلي) للمبنى، حيث طلبوا منا النزول للخارج، وأخذوا الرجال وسرقوا البيوت ورأينا مشهدا وكأنه زلزال".

عدد من التحديات

بدوره، قال مخرج الفيلم عبادة البغدادي، في كلمة خلال الفعالية، إن عدد من التحديات واجهتهم خلال إعداد الفيلم أبرزها "التواصل مع فريق العمل (بغزة)، وإيصال الرؤية الفنية".

وتابع: "واجهتنا بعض التحديات التقنية أيضا، حيث اضطررنا لتسجيل شهادات البعض لأكثر من مرة، وهذا التحدي تحول لإيجابية في الفيلم، فمع تكرار الرواية كانوا يعودون للتجربة التي عاشوها ويسردون تفاصيلا أكثر ومشاعر أقوى".

من ناحيته، قال سميح مصطفى، المنتج التنفيذي للفيلم: "صعوبات كثيرة واجهتنا في العمل لإنتاج هذا الفيلم سواء صعوبات من خلال التصوير ونقل المواد من غزة إلى الدوحة لإعادة الإنتاج وعملية الإخراج". 

وأضاف: "فيما يتعلق بالتصوير في محافظة شمال غزة، كان يتم عبر كاميرا وحيدة تواجدت بالفعل هناك، والجمهور عندما يشاهد الفيلم سيجد في الكاميرا ثقبا، لكن قمنا بهذا العمل وانتهينا بفضل الله بإنتاج الفيلم".

وعن أهمية الوثائقي، أفاد مصطفى، يبقى "شاهدا أو وثيقة تعرض حينما يكون هناك محاكم حقيقة (لمحاكمة إسرائيل)، وبالفعل بعض الشهادات التي قمنا بتوثيقها رفعت الى جنيف بحيث أنها تكون في العدل الدولية وثائق تستدل بها المحكمة في ملاحقة الجناة".

اقرأ أيضًا : الرئيس التركي : علينا تعزيز قوتنا لردع إسرائيل عن ممارساتها بحق الفلسطينيين

وذكر أنهم قدموا عروضا كثيرة للفيلم في مناطق مختلفة سواء "الدوحة أو في إسبانيا أو في بلجيكا والولايات المتحدة ولبنان"، لافتا إلى تنظيم عروض جديدة في دول أخرى.

كما تم عرض هذا الفيلم على منصة "يوتيوب" فيما تم "تقييد عملية وصول المشاهدين له من قبل الإدارة"، وفق قوله، مؤكدا: "في القريب العاجل ستنطلق منصة الجزيرة 360 لمواجهة هذه الصعوبات".

وأشار إلى أنهم يعتزمون "إنتاج عدة أفلام خاصة بكشف الحقائق عما يحدث في قطاع غزة، من بينها ما هو متعلق بمجزرة النصيرات (في يونيو الماضي أسفرت عن 280 قتيلا)، ومجزرة رفح (في مايو أسفرت عن 45 قتيلا)، كل هذه قيد الإنتاج حاليا، وستعرض على منصة الجزيرة 360، تقريبا في ذكرى الحرب (السنوية الأولى) في 7 أكتوبر".

وفي حديثه عن هذه المنصة، قال مصطفى: "المنصة ستنطلق قريبا، وهي تجمع كافة أعمال الجزيرة تحت سقف واحد، وتتيح الوصول إلى أرشيف رقمي لكل أعمال الجزيرة منذ تأسيسها بلا قيود ولا حصار إلكتروني، فضلا عن إتاحة متابعة محتوى الجزيرة والبث الحي لقنواتها".

وتابع: "اليوم نشاهد أحد أعمال الجزيرة 360 الأصلية، وهذا العمل يكشف لنا حقائق وشهادات مروعة شاهدة على القسوة والمعاناة التي لم تروَ بعد".

وختم مصطفى، قائلا: "الدور الإعلامي لا يقتصر على نقل الأخبار بل توثيق الآلام والمآسي للشعوب، فيصبح جزء في تحقيق العدالة وفضح الجرائم التي تمر دون مساءلة".

وخلال الفعالية، قدم رئيس بلدية منطقة إيسنلر في إسطنبول توفيق غوغصو، كتاب "القدس"، هدية للمشاركين.