مادة اعلانية


شهدت صناعة الرفاهية خلال السنوات الأخيرة، نمواً ملحوظاً، حيث تزايد الطلب على السلع الفاخرة من علامات تجارية مختلفة، مدفوعاً بالطموحات الكبيرة للمستهلكين الأثرياء.
ومع ذلك، يبدو أن هذا الاتجاه قد بدأ في التراجع، حيث تواجه العلامات التجارية الكبرى صعوبات في ظل تراجع اهتمام المتسوقين الطموحين بالإسراف والإنفاق المفرط، حيث يبرز هذا التحول تحديات جديدة في السوق ويثير تساؤلات حول كيفية تكيف صناعة الرفاهية مع الظروف الاقتصادية المتغيرة وتغير أذواق المستهلكين.
وقال المحلل الاقتصادي جون غابر، في مقال له بصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن المتاجر الرائدة اللامعة لعلامات لوي فيتون وشانيل وغوتشي في منطقة جينزا بوسط طوكيو "بعيدة كل البعد عن كونها منافذ بيع بأسعار مخفضة"، فقد تم تصميمها من قبل أشهر المعماريين وتُعرض فيها منتجات فاخرة في أغلى منطقة في اليابان.
ومع ذلك، فقد امتلأت هذه المتاجر بمقتنصي الصفقات في الأشهر الأخيرة، وهم السياح الصينيون الذين قدموا إلى العاصمة اليابانية لشراء المنتجات بأسعار أرخص من الأسعار في وطنهم. وقد أتاح ضعف الين الياباني فرصة لهؤلاء الذين كانوا يتسوقون في الصين أو يشترون الملابس والإكسسوارات من هونغ كونغ أو أوروبا.
وتحدث عن المستهلكين الصينيين بشكل خاص، قائلاً: "المستهلكون الطموحون في الصين، الذين أسهموا في نمو صناعة الرفاهية العالمية على مدار العقدين الماضيين، باتوا يراقبون أموالهم بحذر، لكن التباطؤ في الاقتصاد المحلي جعلهم أكثر حذراً وتراجعوا عن موجة "التسوق الانتقامي" التي انتشرت بعد فترات الإغلاق" .
وبحسب غابر، فإن مبيعات العلامات التجارية مثل بربري وغوتشي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد انخفضت بشكل حاد خارج اليابان، إذ جاء الانخفاض الأوسع في استهلاك السلع الفاخرة كصدمة لصناعة اعتادت على تحقيق ارتفاعات متزايدة، باستثناء فترة الركود أثناء الجائحة.
وتأثرت شركة كيرينغ، المالكة لغوتشي، بشدة بتغير المزاج، وهي الشركة التي حذرت أن دخل التشغيل قد ينخفض بنسبة تصل إلى 30 بالمئة في النصف الثاني من هذا العام، ما أدى لانخفاض أسهمها فور الإعلان عن تلك البيانات، وقد دفع ذلك بقيمة كيرينغ، التي تمتلك أيضاً علامات تجارية مثل إيف سان لوران وبالينسياغا، إلى أدنى مستوى لها منذ سبع سنوات عند 37 مليار يورو (نحو 40.4 مليار دولار)، وهو جزء صغير من قيمة عملاق الرفاهية LVMH التي تبلغ 326 مليار يورو، بينما يكافح مؤسس كيرينغ فرانسوا-هنري بينو لاستعادة بريق غوتشي، أصبحت منافسته التقليدية مع برنارد أرنو، رئيس LVMH، غير متكافئة.
وحتى شركة LVMH، التي تمتلك 75 دار بما في ذلك لوي فيتون وديور، تشعر بالمعاناة؛ فقد أبلغت عن نمو ضعيف في المبيعات وانخفضت قيمتها بنسبة 9 بالمئة هذا العام، حيث قال المدير المالي، جان جاك جويوني، إن الشركة تعتمد على "الجاذبية الدائمة لعلاماتنا التجارية الرائدة وسط تفضيلات المستهلكين المتغيرة بسرعة" لتجاوز هذه الفترة، كما أن حجمها الكبير يساعدها أيضاً.
بينما لوي فيتون هي إلى حد بعيد أكبر علامة تجارية فاخرة في العالم، حيث بلغت أرباحها قبل الفوائد والضرائب 12 مليار يورو من إيرادات قدرها 23 مليار يورو العام الماضي، وفقًا لمورغان ستانلي، تبيع الكثير من الحقائب والإكسسوارات للمستهلكين الطموحين، وهوامش الربح الصافي التي تزيد عن 50 بالمئة تبرر وجود عديد من متاجر فيتون.
العلامات التجارية الفاخرة الأصغر، من الدرجة الثانية، أكثر عرضة للمشكلات. وقد أعلنت بربري هذا الشهر أنها ستستبدل مديرها التنفيذي بعد أن تعثرت محاولتها لتحقيق نفس القوة والقيمة التسويقية لشانيل أو لوي فيتون. قيمتها بدورها جزء صغير من كيرينغ عند 2.6 مليار جنيه إسترليني، ويبدو أن هذا الطموح أصبح بعيد المنال.
في المقابل، فإن العلامات التجارية التي تجذب أغنى المتسوقين وتستطيع فرض أعلى الأسعار تسير بشكل جيد. فقد تمكنت "هيرميس"، الشركة الفرنسية المصنعة لحقيبة "بيركن"، من تجاوز الأجواء السلبية الأسبوع الماضي بإعلانها عن زيادة بنسبة 13 بالمئة في المبيعات في الربع الثاني، كما أن "برونيلو كوتشينيلي"، التي يشتهر مؤسسها الإيطالي بلقب "ملك الكشمير"، توسع بسرعة في آسيا.