نقطة انطلاق جديدة للتعددية القطبية
مادة اعلانية


انعقد في هذا الأسبوع الاجتماع الرابع والعشرون لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون وقمة المنظمة وشركائها في عاصمة كازاخستان أستانا، مع قبول بيلاروسيا كدولة عضو بشكل رسمي بالإضافة إلى التوصل إلى سلسلة من النتائج والتوافقات بين دول الأعضاء مع طرح المبادرات لتعزيز العدالة والوئام والتنمية بشكل مشترك في العالم، الأمر يثير باهتمام بالغ حتى من قبل الدول الغربي التي تعتبر المنظمة تحالفا شبه عسكري ضدها.
تضم منظمة شنغهاي للتعاون وبعد 23 عاما منذ تأسيسها 10 دول أعضاء رسمية ودولتين مراقبتين و14 شريك حوار، بما في ذلك دول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين، حيث تغطي المنظمة القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومفتاح زيادة حجمها يكمن في الالتزام الدائم بـ "روح شانغهاي" المتمثلة في الثقة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام تنوع الحضارات والسعي إلى التنمية المشتركة، وقد شرعت في مسار تنمية جديد للشراكة بدلا من التحالف والحوار بدلا من المواجهة.
هذا وفي ظل التطورات الهيكلية العالمي بوتيرة متسارعة، شهدت النظام الدولي تغيرات في اتجاه أكثر عدالة ومتعدد الأقطاب، مما يوفر المزيد من الفرص للدول الناشئة لتنفيذ تعاون متساو ومتبادل المنفعة، لكن ومن ناحية أخرى، أدى تصاعد التوترات بين القوى الكبرى وتكثيف المواجهات والصراعات الجيوسياسية إلى المزيد من المخاطر على الاستقرار العالمي، كما تتشابك التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية في أنحاء القارة الأوراسية، خاصة في شرق آسيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، حيث تعمل بعض القوى الخارجية على تغذية الإرهاب والتطرف والنزعات الانفصالية في المنطقة، مصممة على إعادة التحريض "الثورات الملونة".
كيف تتعامل الدول المعنية مع هذا التغيير؟ طرح الرئيس الصيني شي جين بينج خمسة اقتراحات مرتبطة بمنظور القيم والأمن السياسي والتنمية الاقتصادية والتبادل الشعبي والحوكمة العالمية، حيث يعتبر تعزيز الأمن المشترك أساسا لمنظمة شنغهاي للتعاون، وينبغي لهذه الدول الاحترام بالخيارات المستقلة لبعضها البعض لمسار التنمية ودعم بعضها البعض في حماية المصالح الأساسية. أما بالنسبة لمنظمة شانغهاي للتعاون، فإن الحفاظ على الحد الأدنى من الأمن المشترك والشامل والمستدام يفضي أيضا إلى توفير ضمانة أكثر صلابة للأمن والاستقرار الإقليميين.
الجدير بالذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة وغيره من كبار المسؤولين للمنظمات الدولية والإقليمية كانوا حضروا في قمة منظمة شانغهاي للتعاون وشركائها هذا العام، الأمر يدل على التقدير على نفوذ منظمة شنغهاي للتعاون و"روح شنغهاي"، وكما يثبت على أن المنظمة قد تطورت إلى قوى مهم ذات تأثير عالمي، فيما دعا إعلان أستانا الذي تم إصداره حديثا إلى التسوية السلمية للخلافات والنزاعات بين الدول من خلال الحوار والتشاور، والالتزام بتعزيز بناء علاقات دولية جديدة ومجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية يتميز بالاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والمساواة، الأمر يؤكد مجددا على موقف منظمة شانغهاي للتعاون الواضح ضد الهيمنة، وبالتأكيد هذا الموقف على الجانب الصحيح من التاريخ وعلى جانب الإنصاف والعدالة، لذلك ستكون هذه القمة نقطة انطلاق جديدة لتشيل النظام الدولي المتعدد الأقطاب.