ثروة مشتركة للبشرية

مادة اعلانية

إلهام لي تشاو
إلهام لي تشاو
نائب رئيس تحرير المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط.

يعد تغير المناخ أحد أكثر التحديات إلحاحا وتاريخية التي تواجه العالم اليوم، إذ تتزايد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، كارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات والعواصف الرملية، مهددة النظم البيئية، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. لا تمثل هذه الأزمة البيئية فقط، بل تمثل أيضا اختبارا مشتركا للتنمية العالمية لا يمكن لأي دولة أن تنجو منه سالمة بمفردها.

ينبثق مفهوم "المياه الصافية والجبال الخضراء ثروة لا تقدر بثمن"، الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ في 15 أغسطس عام 2005، من التفكير العميق في العلاقة بين البشرية والطبيعة، حيث توازن هذه النظرية بين حماية البيئة والتنمية الاقتصادية بشكل جدلي، بمعنى أن البيئة السليمة هي من المصالح العامة الأكثر إنصافا والأكثر فائدة للجميع. وفي الوقت نفسه، يؤكد هذا المفهوم على أن التحول الأخضر هو الطريق الحتمي نحو التحديث الاجتماعي، وأن النمو الاقتصادي لا يمكن أن يأتي على حساب البيئة، وأن البشرية والطبيعة يجب أن تتعايشا بانسجام ومع الاحترام بقوانين الطبيعة.

من الواضح أن هذا المفهوم يتناسب بشكل وثيق مع الاحتياجات الحقيقية للدول العربية في معالجة ندرة المياه والتصحر وتحولات الطاقة، كما يوفر نهجا حوكمة التوازن بين الاعتبارات الاقتصادية والبيئية. انطلاقا من مثل ورؤى مشتركة، واصلت الصين والدول العربية تعميق تعاونهما في مواجهة تغير المناخ خلال السنوات الأخيرة. وقد وفرت مشاريع مثل مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي ومحطة سكاكا للطاقة الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية في مصر طاقة نظيفة في الدول المعنية الشرق الأوسط، كما تم تطبيق تقنيات مكافحة التصحر الصينية في شبه جزيرة سيناء المصرية وأطراف الصحراء الجزائرية، مما عزز إنشاء مصدات الرياح وتثبيت الرمال واستصلاح الأراضي الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، دخلت الحافلات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة والشبكات الذكية من الصين إلى سوق الدول الخليجية، مما ساهم في تسريع تطوير وسائل النقل منخفضة الكربون والمدن الذكية.

هذا التعاون يشمل على تبادل التكنولوجيا ورأس المال بالإضافة إلى مشاركة الأفكار وخبرات الحوكمة، الأمر يظهر ثقة متبادلة حقيقية بين الدول الناشئة. لكن يلاحظ بأن بعض الدول الغربية اعتمدت في الوقت نفسه معايير مزدوجة في قضايا مواجهة تغير المناخ: فمن جهة، تدافع عن الحياد الكربوني على الساحة الدولية، لكنها تتباطأ في الوفاء بوعودها بتقديم المساعدة المالية والفنية للدول النامية. ومن جهة أخرى، تستأنف هذه الدول إنتاج الطاقة بالفحم في ظل شح إمدادات الطاقة لديها، بينما تطالب الدول الأخرى بخفض استهلاكها للطاقة التقليدية بسرعة.

علاوة على ذلك، تحمل هذه الدول تكاليف خفض الانبعاثات على الدول الناشئة من خلال حواجز تجارية مثل تعريفات الكربون، محولة "المعايير الخضراء" إلى حواجز اقتصادية وتكنولوجية جديدة. إن هذه الممارسة المتمثلة في "حرق الفحم لتدفئة أنفسهم وإطفاء مواقد الآخرين" تنتهك بشكل صارخ مبدأ "المسؤوليات المشتركة والمتباينة" المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ، وتقوض العدالة والثقة في الحوكمة العالمية لمواجهة تغير المناخ.

لا حدود لتغير المناخ، وكذلك إجراءات خفض الانبعاثات الكربوني، فتثبت ممارسات الصين والدول العربية أنه لا يمكننا التوصل إلى توافق شامل بشأن معالجة تغير المناخ إلا من خلال الاحترام بالظروف الخاصة لدول مختلفة ومرحلة تطورها مع التمسك بالعدالة والتعاون والمنفعة المتبادلة. لا يحتاج المجتمع الدولي إلى تصريحات سياسية فارغة في مواجهة تغير المناخ وتطبيق المبادرات الخضراء التي تهم مستقبل البشرية فقط، بل إلى نتائج ملموسة وعملية، لأن تجعل المياه الصافية والجبال الخضراء ثروة لا تقدر بثمن ومشتركة بين البشرية جمعاء.

مقالات الكاتب

كثفت الولايات المتحدة استخدام الرسوم الجمركية ضد العديد من الدول منذ بداية هذا العام، محاولة تصوير هذه الخطوة على أنها مكسب اقتصادي مباشر، نتيجة لذلك، ارتفع متوسط التعرفة الجمركية الفعالة إلى ما فوق 18%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1933.

2025 أغسطس 27