لطالما سمعنا المقولة الشائعة "الجزر يقوي النظر"، والتي ترسّخت في أذهان الأجيال كحقيقة غذائية مُسلّم بها، لكن ما مدى صحة هذا الاعتقاد؟ وهل يدعم العلم الحديث هذه الفكرة المتداولة منذ زمن بعيد؟

الجزر بالفعل غني بمركبات غذائية مهمة أبرزها البيتا كاروتين، وهو مضاد أكسدة قوي يتحول داخل الجسم إلى فيتامين A، الذي يُعد من العناصر الضرورية للحفاظ على صحة العين. يلعب فيتامين A دورًا مباشرًا في دعم وظيفة القرنية والشبكية، ويُساهم في إنتاج "الرودوبسين"، وهو بروتين حساس للضوء يوجد في شبكية العين ويساعد على تحسين الرؤية في الإضاءة الخافتة. نقص هذا الفيتامين قد يؤدي إلى الإصابة بالعمى الليلي.

اقرأ أيضا: دراسة تكتشف رابط مهما بين عناصر غذائية وتباطؤ شيخوخة الدماغ

لكن، وعلى الرغم من أهمية الجزر كمصدر جيد لهذا الفيتامين، فإن استهلاكه الزائد لا يؤدي بالضرورة إلى تقوية النظر إذا كانت مستويات فيتامين A بالجسم طبيعية. وهذا يعني أن من يتمتع بصحة بصرية جيدة ويتناول كمية كافية من الفيتامين في نظامه الغذائي، لن يلاحظ تحسنًا إضافيًا في نظره بتناول المزيد من الجزر.

الاعتقاد الواسع بأن الجزر يعزز الرؤية الليلية تعود أصوله إلى الحرب العالمية الثانية، عندما روّجت بريطانيا لفكرة أن تفوق طياريها في تنفيذ الغارات الليلية يعود إلى تناولهم المنتظم للجزر، في محاولة لإخفاء استخدام الرادارات الجديدة آنذاك، ولتشجيع المواطنين على زراعته خلال أوقات التقشف. وعلى الرغم من أن الجزر مفيد للعين، فإن تلك القصة كانت مبالغًا فيها.

الدراسات الطبية أكدت أن نقص فيتامين A يرتبط مباشرة بتدهور صحة العين، خصوصًا ما يتعلق بالرؤية الليلية. ولذلك، فإن تناول الجزر والخضراوات البرتقالية والورقية الخضراء والكبد والبطاطا الحلوة يُعتبر وسيلة فعالة للحفاظ على صحة البصر، لكن بشرط أن يكون هناك حاجة فعلية لفيتامين A في الجسم.

ويؤكد الخبراء أن صحة العين لا تعتمد على عنصر واحد فقط، بل على نظام غذائي متوازن يحتوي على فيتامينات A وC وE، بالإضافة إلى الزنك واللوتين والزياكسانثين وأحماض أوميجا 3 الدهنية.