مادة اعلانية

كيف ولدت أغنية "Yesterday" من حالة ذهنية بين النوم واليقظة؟
كيف ولدت أغنية "Yesterday" من حالة ذهنية بين النوم واليقظة؟

تعد أغنية "Yesterday" لفرقة البيتلز واحدة من أشهر الأعمال الموسيقية وأكثرها تأثيرًا في القرن العشرين، إلا أن الكثيرين لا يعلمون أن ميلاد هذا اللحن ارتبط بحالة ذهنية غامضة تعرف باسم "الهيبناغوجيا"، وهي الفترة العابرة بين النوم واليقظة، حيث يكون العقل الواعي شبه خامل، ما يتيح للعقل الباطن إطلاق العنان للإبداع.

تُعرف هذه الحالة بأنها مصدر غني للأفكار المبتكرة، إذ تضعف الحواجز العقلية المعتادة، ويستطيع الفرد خلالها الوصول إلى رؤى جديدة وحلول غير تقليدية.

 ومن هنا يفسر الخبراء لماذا تأتي الأفكار الخلاقة غالبًا أثناء لحظات الاسترخاء، القيلولة، أو التأمل، بعكس أوقات الانشغال بالمهام اليومية، حيث يغمر العقل تيار مستمر من الأفكار العملية، ما يحجب الإلهام.

وفي صباح أحد أيام عام 1965، استيقظ بول مكارتني فجأة على لحن كامل يدور في رأسه، فهرع إلى البيانو ليعزفه قبل أن يتلاشى. في البداية ظن مكارتني أن اللحن مأخوذ من مصدر خارجي، لكنه بعد البحث اكتشف أنه لحن أصلي صادر من أعماق عقله الباطن، ليصبح فيما بعد أشهر أغنية للفرقة.

ولم يقتصر الأمر على الموسيقى، فقد شهد التاريخ العلمي حالات مماثلة. فالعالم نيلز بور توصل إلى فكرة نموذجه الذري أثناء حالة شبيهة بالهيبناغوجيا، حيث تخيل الإلكترونات تدور حول النواة كما تدور الكواكب حول الشمس، بينما أظهرت دراسة حديثة عام 2021 أن الأشخاص الذين يدخلون في هذه الحالة لديهم قدرة أكبر بثلاثة أضعاف على حل المشكلات المعقدة مقارنة بحالة اليقظة الكاملة.

ويشير العلماء إلى أن انخفاض نشاط العقل الواعي خلال الهيبناغوجيا يسمح للعقل الباطن الغني بالروابط غير التقليدية والأفكار المكبوتة بالظهور إلى السطح، ما يولد ومضات من الإلهام. 

ولهذا السبب، كان بول مكارتني يحتفظ دائمًا بمفكرة وقلم بجانب سريره، فيما ابتكر توماس إديسون طريقة مبتكرة لتسجيل أفكاره أثناء الغفو باستخدام كرة معدنية تسقط على صفيحة معدنية لإيقاظه فورًا.

تؤكد هذه الأبحاث أن الإبداع لا يعتمد دائمًا على الجهد الواعي، بل يمكن أن يزدهر في لحظات الهدوء والاستسلام، لتصبح القيلولة أو التأمل فرصة ذهبية لاكتشاف أفكار استثنائية مخزنة في العقل الباطن، قد تساهم في ابتكار موسيقى، اختراعات أو حلول لمشكلات معقدة.