مادة اعلانية
في اكتشاف علمي مثير، نجح فريق بحثي من جامعة شينزين الصينية وباحثون دوليون في العثور على أدلة حيوية محفوظة داخل طين بركاني أزرق اللون تم انتشاله من أعماق المحيط الهادئ قرب خندق ماريانا، على عمق يقارب 3 آلاف متر، ما قد يضيف فهمًا جديدًا لأصل الحياة على كوكب الأرض.
وتبيّن أن الرواسب البركانية عالية القلوية—التي يصل مستوى pH فيها إلى 12—تحتوي على دهون تعود لكائنات حية دقيقة تعيش في واحدة من أقسى البيئات الطبيعية على الإطلاق، رغم أن ملامسة هذا الطين قد تسبب حروقًا شديدة للبشر. هذه الطبيعة القاسية لم تمنع الميكروبات المتطرفة من التكاثر والبقاء.
وتوضح الدكتورة فلورنس شوبوتز من جامعة بريمن أن هذا الاكتشاف يدعم فرضية أن الحياة الأولى على الأرض قد تكون نشأت في بيئات مشابهة، قائلة:
> "إن وجود حياة في ظروف تجمع بين الحموضة العالية وندرة المغذيات أمر مذهل، ويعزز شكوكنا بأن أصل الحياة ربما بدأ في مثل هذه المواقع الغنية بالتفاعلات الكيميائية."
واعتمدت الدراسة على تحليل عينتين من أصل 9 عينات جرى جمعها خلال بعثة SO292/2 عام 2022، وتحديدًا من بركان الطين المعروف باسم باكمان. وكشفت التحاليل أن العينة تتألف من صخور السربنتينيت وقطع من البروسيت، احتفظت بلونها الأزرق النادر لعدم تفاعلها مع مياه البحر.
كما رصد العلماء دهونًا من أغشية خلوية لكائنات بكتيرية وبدائية النوى، وهي بمثابة "خط الدفاع الأول" للميكروبات، ما يشير إلى أن مجتمعات ميكروبية كاملة تعيش في الظلام الدامس تحت ضغط هائل وقلوية قاتلة.
ويشير الباحثون إلى أن الحياة الموجودة تحت قاع المحيط تشكل نحو 15% من إجمالي الكتلة الحيوية للأرض، إلا أن العالم لا يزال يعرف القليل عنها، مؤكدين أن استكشاف هذه البيئات المتطرفة قد يكشف أسرارًا جوهرية حول كيفية بدء الحياة على كوكب لم يكن يومًا بالقدر نفسه من الاستقرار والملاءمة كما هو اليوم.
هذا الاكتشاف، وفق العلماء، قد يشكل خطوة محورية في فهمنا لتطور الحياة على الأرض، وربما يقدم لمحات عن الحياة المحتملة في عوالم أخرى شديدة القسوة في النظام الشمسي.