مادة اعلانية


تتزايد الأدلة العلمية حول تأثيرات منصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، مع تلاشي الفواصل بين الحياة الخاصة والعامة في العالم الرقمي. فقد أصبح التعرض المتكرر للمحتوى الصادم – من صور العنف إلى الحوادث والمآسي – أحد أسباب أزمة عقلية صامتة، وخاصة بين فئة الشباب.
ويشير خبراء الصحة النفسية إلى أن هذا النوع من التعرض يمكن أن يخلق ما يعرف بـ"الصدمة النفسية الثانوية"، وهو اضطراب عاطفي يحدث نتيجة التفاعل غير المباشر مع تجارب مؤلمة للآخرين. فالمستخدم، وإن لم يكن طرفًا مباشرًا في الحدث، قد يعاني من اضطرابات نفسية حقيقية تؤثر على رؤيته للعالم وسلامته النفسية.
اقرأ أيضا: منظمة الصحة العالمية تدعو إلى العمل لتنفيذ مبادرة نهج الصحة الواحدة
دراسات متعددة أظهرت أن مشاهدة المحتوى المؤذي على نحو متكرر تحفّز مناطق في الدماغ مرتبطة بالقلق والتوتر، ما يؤدي إلى اضطرابات في النوم، أفكار مزعجة، واكتئاب قد يصل في بعض الحالات إلى أعراض تشبه اضطراب ما بعد الصدمة. ويُعد ما يُعرف بـ"التمرير المدمر" – وهو الاستخدام القهري للمحتوى المزعج – أحد أبرز أشكال هذا التأثير، والذي تفاقم بشكل كبير خلال جائحة كورونا.
الشباب هم الفئة الأكثر عرضة لهذه التأثيرات، نظرًا لحساسية أدمغتهم التي لا تزال في طور النمو، وانخراطهم العاطفي العالي، بالإضافة إلى الوقت الطويل الذي يقضونه على المنصات الرقمية. كما تزيد العوامل الشخصية مثل وجود صدمات سابقة، أو غياب الدعم الاجتماعي، أو ضعف المهارات النفسية من احتمالية الإصابة بهذه الأعراض.
ولتقليل الأثر السلبي، يوصي الخبراء باتباع استراتيجيات الوقاية، مثل تقليل التعرض للمحتوى الرقمي من خلال "التخلص الرقمي المؤقت"، وممارسة تقنيات اليقظة الذهنية، واستخدام أدوات المنصات مثل تحذيرات المحتوى وحدود وقت الشاشة. كما يبرز دور العلاج السلوكي المعرفي في مواجهة أنماط الاستخدام الضار، بالإضافة إلى أهمية تعزيز الوعي بكيفية عمل خوارزميات المنصات الرقمية، لبناء علاقة أكثر توازنًا مع العالم الافتراضي.